سأحمل أمي
وأكتبها في بياض النوايا
وأزجي السلامَ عليكم بها ..!
ومن غير أمي تخيِّطُ لي ثوبَ أغنيتي
وتكحِّلُ أنثاي حينَ تهيئها للدخول عليْ .!
ركبنا القصيدةَ فوقَ الخيول التي تتعثَّرُ
قبل انطلاق السباقْ
شربنا مياه الظهيرةِ نمنا على عرباتِ الخليلِ
تجرُّ بمحراثها الرملَ
لم نلقَ إلا اللظى
كنتُ أبحث عن حبةٍ للعصافيرِ
أبحث عن وطنٍ مقمرٍ في العراءْ
وعن نخلةٍ نبتتْ عنوةً
عن صهيلٍ تدثَّر بي
عن بيوتات في قريتي لاتخيف العصافير حين تفرِّخُ أعشاشها
سأحمل أمي ..
وأكتبها في بياض النوايا
وأزجي السلام عليكم بها ..
سلام عليها ..سلام عليكم
برحمتها .. بالدعاء الذي أوقفته
لكل اليتامى
بحفنة ماءٍ تهيئها كل صبحٍ
لعصفور نافذتيْ
بحبة قمحٍ تمدُّ لها يدها
حين تفرغ من تمتمات الصلاة
سلام عليها ...سلام عليكم
برحمتها بالدعاء المجاب ..!
تحدثني أمِّي وتصغي إليّ ..
إذا لامستْ يدها فروةَ الحزنِ قالت :
كنتَ صغيراً على الحزنِ والذنبِ والذكرياتْ
قريباً من البحرِ
كان لسانك قطعةَ حلوى ..
وحزنكَ هدهدة الأغنياتْ ...
فماذا بعينيكَ ياطفل عمري ...
وقد طوّفتْ السنين العجاف ومازلت تسكنُ بيتَ الشتاتْ ..؟!
تحدثني أمي وتصغي إلي ...
مساءً جديدًا
يجيء بطعمِ قرانا القديمةِ ..
تجيء به ( مريمُ ) الآنَ تشبهُ بعضِ الذي عدتُ أذكرهُ
من أحاجيكِ بين النعاسِ وبين حفيف الشفاةْ ..!
معذّبةٌ كالطريقِ النبيلِ .. وصوفيّة الحلمِ بكر الأناةْ ..
تحدثني أمي وتصغي إلي ...
أمازال في العمر متسعٌ والحنينُ لذكرى..!
وأنتَ تعدُّ السنينَ عذاباتِ موتٍ وبشرى ..؟!!
( على البابِ مريمُ أخرى ..)!
يداها مطوّقةٌ بالنهاياتِ .. في عينها ضحكةٌ للبداياتِ
في صوتها يتربّى الحمامْ ...
أحدّثُ أمي فتصغي إليّ ..
إذا لامست يدُها فروة الحزنِ قالت: ( عليها السلام ) ..!
تدوّخني بالكلامِ الحنونِ ..
بشارعهِ المنتهي بالذبول ..
تجيئُ تقول :
وأمّي كأمِّكَ من تمتمات الصلاة ..!
تحدثني ثم تصغي إليّ :
( دعي مالقلبي لقلبي وللآهِ خوفَ الأمومةِ أو حزنَ عينيكِ حين تنامين قربي .. !
أخافُ عليكِ انشطارَ النهارِ وبيتَ الزجاجِ وأوزار ذنبي ..! دعي مالقلبي لقلبي )
تظل تقولُ :
وأمي كأمّك من مفرداتِ الحياةْ
تقسّمُ أطباقَنا بيننا .. وتصبُّ لنا الحُبَّ صائمةً في نهارِ الخميسْ
كأحياءِ باريسَ ..تلك القلوب التي تحتوينا
أحدّثها عنكَ في غفلتي .. فتقولُ : ( عليه السلام ) ..!
أحدِّث أمي .. وتصغي إليَّ ...
وقد لامستْ يدُها فروة الحزنِ
كنتُ أقول لها .. :
جئتُ مابين كفَّيك طفلاً تجوّعهُ الأغنياتُ
.. فيمضي إلى ركنِ غرفتِه ..هاربًا عن عيونِكِ
ملتبسًا بالحكايا السعيدةْ ...!
وكانتْ ( ..من الظلِّ ..) .. تروي حكايتَها للسنين الجديدة ..!
ويا أمّ ...
مريمُ شرشفُها من صلاةٍ ..طهور من الحائرين ..!
( جاءت من الليلِ) بالذكرياتِ البعيدةْ ..!
على صوتِها تتهجّى الليالي حنينيْ ..
وفي حضنِها ...
شمعتانِ : أنا واحتراقي ..
ورقّة أنفاسِها حولنا وشوشاتُ القصيدةْ ..!
تحدثني أمي وتصغي إلي :
سلاماً على قلبها حين قالت سلاماً عليها ..
تجيء من الليلِ ..كي يتلفّعَ قلبُكَ بالشعر ..
تمضي إلى هدهدٍ جاءها في المنامِ ...وما كشفت ساقها
أو أشارت إليه ...!
سلاماً عليكَ .. إذا قلت ياربُّ إني أقولُ : سلاماً عليهْ ..!
ياأمُّ مريمُ متَّسعي وأريكة وقتي .. وسيدة الحب في فصلِ حلمي
الموثّق في سيرة العاشقين ..!
يا أم مريمُ بيضاء من فئة الياسمينْ ..!
إذا حدثتني عن الصدقِ .. كان الكلام النبيل لساني ..
وإن حدَّثتني عن الآخرينَ .. تزحزحُ كرسيّهم جانبًا .. وتخطّ مكاني ...!
بعيديْنِ نحن عن الذنبِ يا أمُّ منذ اقترفنا الحقيقة مابين عينيكِ ..
كانتْ حكاياتنا كلها من تراتيل الحقيقة الكبرى ..!
تحدّثني أمي وتصغي إليّْ ..
تقول تماثلتَ للحبِّ ..حتى تأوّه وقتكَ
يا أم مريمُ ظلّ السماءِ .. وقنديلها ذكرياتٌ
تنحّت عن الريح حتى استقامتْ يدي وانبعثتُ النبيلا ..!
أحدّثُ أمي فتصغي إلي :
يا أمُّ .. لو أنَّ في عينها غير وجهي ..
لما قبّلتْ وجهها عن شفاتي ..!
ولو بعدها .. يتعقّب وقتي سواها ..
لما أصبحت في الحضور التفاتي .!
أنا مثلما تعرفيني .. ويعرفني قلبها ..
لا أخونُ حياتي ..!
تحدثني أمي وتصغي إلي ..
إذا لامست يدها فروة الحب قالت عليها السلام ..
تحدثني أمي وتصغي إلي ..!
تقول ..
سيدخلك الحزنُ ..حد التكوّرِ في رحْمِ يومكَ
ثمَّ تفيء إليها ..!
ستلقاك كالغيمة الساحليةِ .. أنواؤها لاتدلُّ عليها ..!
تهدهد أذكارَ قلبكَ بالأمنيات الجليلةِ ..تأتيكَ بيضاء إلا من الشوق ..
خنساء إلا من الحزنِ تلقي برأسكَ فوق وسادتها ..وتنامُ لديها ..!
يا أمُّ مريمُ .. من فتنة الصبر ..
إن ضحكتْ ..قمتُ من الحنين الاخير ..
أو بكتْ .. جاء ليلي طويلاً ..
وكنتُ الدعاءَ المؤملَ في راحتيها ..
تحدثني أمي وتصغي إلي ..
متى لامست يدها فروة الحبِّ ..قالت سلامًا عليها ..!
تحدثني أمي وتصغي إليّ ..
تقول ..
لمريمَ .. مايمَّمتْ وجهها دعوتانِ ..
بأن تتربّى على الحبِّ .. حين تربّتْ على الصدقِ
وأنْ تتركَ الجنون في شمعدانٍ شفيفْ ..!
فهبّت عليها رياحُ الخريفْ ..!
أحدث أمي .. فتصغي إلي :
يااا أمُّ .. مريمُ حوريَّة القلب .. في صمتها قصةُ المستحيلْ ..!
على سورها .. مرَّ ظلي أمينًا وفي بابها عنفوانُ النخيلْ..!
تجووع .. فيأكلها صبرُها
وتضوع فيفضحها عطرُها
وتبكي فيصونها جرحها
كلما يسكنُ الوقتُ أوجاعَها .. راودتهُ الرحيلْ ..!
تحدثني أمي وتصغي إليّ ..
.إذا لامستْ يدُها ..فروة ( العطر ) قالت ..
لمريمَ ما يمّمتْ وجهها دعوتانِ .. فأوّلها
أن تكون سلاماً بقلبكَ :
- حين تحبكَ فوق احتمالِ المرايا ..
- وحين تكون لها وحدها دونَ كلِّ الصبايا ..
وأخرى بعمْرٍ نبيلْ ..!
تعليقات
إرسال تعليق