القائمة الرئيسية

الصفحات

[LastPost]

،’ .. || الأمـل || .. ،’ ليلة القدر - محمد بن محمد المختار الشنقيطي

 
قال رحمه الله [ ترجى ليلة القدر ] : أخفى الله ليلة القدر وهذا لحكمة منه سبحانه وتعالى .
قال العلماء : وهذا الخفاء لكي يجتهد الناس في الطاعة فلا يقتصرون على ليلة من بين الليالي ولا يجعلون طاعتهم مقصورة عليها ، فإذا علموا أنها في العشر الأواخر اجتهدوا في العشر الأواخر كلها ، وهذا هو مقصود الشرع . المراد به إحياء الليالي كاملة ، وعلى هذا فإن الأفضل أن يحرص على قيام ليالي العشر لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه اعتكف العشر الأواخر من رمضان ، والوتر آكد . وذلك لنص النبي صلى الله عليه وسلم عليه ، وللعلماء في الوتر وجهان :
الوجه الأول : منهم من يقول : الوتر بعدد الشهر فيبتدئ بالليلة الحادية والعشرين ، ثم بعدها ثلاث وعشرون ثم بعدها خمس وعشرون ثم بعدها سبع وعشرون ثم بعدها تسع وعشرون . وقيل : الوتر لما بقي من الشهر فيشمل ذلك ليلة ثمانٍ وعشرين لأنها تبقى بعدها ليلة واحدة ، ويشمل ذلك ليلة الثلاثين وليلة الثماني والعشرين وليلة ست وعشرين وليلة أربع وعشرين وليلة اثنتين وعشرين ، وذلك بسبب كون الباقي وتراً إذا نظرت إلى العدد ، ومن هنا قال العلماء : إنها تشمل الأوتار والأشفاع لاحتمال النص لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( في ثالثة تبقى ، في خامسة تبقى )) والثالثة التي تبقى هي ليلة ست وعشرين ، والخامسة التي تبقى هي ليلة أربع وعشرين ، وقس على هذا . فمن هنا قال العلماء : شمل الأمر بالوتر ما بقي وشمل عدد الشهر ، ومن هنا بقيت محتملة للعشر الأواخر كلها . وأقوى الأقوال : أنها تنتقل ، وذلك لأن النصوص قوية جداً في إثبات ليلة الحادي والعشرين ، وإثبات ليلة سبع والعشرين ، ولذلك لا يمكن التوفيق بين هذه النصوص إلا بمسألة الانتقال ، وهذا قول جمع من السلف-رحمة الله عليهم- وجمع من الأئمة ؛ لأنه لايمكن الجمع بين هذه النصوص إلا على هذا الوجه مع أن هناك بعض الأدلة يقوي ليلة خمس وعشرين ، وهناك بعض الأدلة يدل على إحدى وعشرين ، وهو ثابت في الصحيح . وليلة سبع وعشرين وهو آكدها وأقواها لورود كثير من الأدلة فدل هذا على وجود مسألة الانتقال ، والمسلم يتحرى هذه الليلة ويحرص على قيام العشر الأواخر طلباً لفضليتها ، ولا شك أن الله سبحانه وتعالى يختص بفضله من شاء ، وإذا حسنت نية الإنسان وصدق مع الله ، فإن الله يصدق معه .
[ وأوتاره آكد وليلة سبع وعشرين أبلغ ] : وأوتار العشر الأواخر آكد هذه الأوتار قلنا للعلماء فيها وجهان : بعضهم يقول : الوتر لما بقي ، فيشمل ليلة الثلاثين وليلة ثمانٍ وعشرين ، وليلة ست وعشرين ، وليلة أربع وعشرين ، وليلة اثنتين وعشرين . وقيل : الوتر بعدد الشهر فيشمل ليلة إحدى وعشرين ، وثلاث وعشرين ، وخمس وعشرين ، وسبع وعشرين ، وتسع وعشرين . هذان قولان للعلماء-رحمة الله عليهم- : لأن السُّنة وردت بهما في حديث : (( التمسوها في الوتر من العشر الأواخر )) وكذلك تفصيله في قوله : (( في ثالثة تبقى ، في خامسة تبقى )) ومن قال : إنها ليلة إحدى وعشرين فقد استدل عليها بحديث المطر (( أريت أني أسجد صبيحتها على ماء وطين )) فوكف مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم عز وجل ليلة إحدى وعشرين وأُري الماء والطين في جبهته-صلوات الله وسلامه عليه- في مسجده .
فهذا يقوي قول من قال : إحدى وعشرين . ومنهم من قال : سبع وعشرون ، وهذا القول يقول به جمع من السلف-رحمهم الله- ، ويختاره بعض الأئمة كما نبه المصنف-رحمه الله- والذي يظهر - والله أعلم - أنها تنتقل خلال العشر وأن ليالي العشر محتملة . وهذا لله فيه حكمة بالغة ، فلو علم الناس ليلة القدر لأهلك بعضهم بعضاً بالدعاء ، ولتسلط السفهاء بمسائل الدنيا وحوائج الدنيا ، وكذلك خمل الناس عن إحياء العشر الأواخر ، والعناية بغيرها ، فمن حكمة الله سبحانه وتعالى أنه جعلها مخفية ، وقد أطلع الله نبيه صلى الله عليه وسلم عليها ثم رفعت ، وسبب رفعها : أنه تلاحى رجلان وهما أبيّ وأبي حدرة الأسلمي-رضي الله عنهما- . فلما تلاحى أي حصلت بينهما الخصومة داخل المسجد في الدِّين ، كشف النبي صلى الله عليه وسلم الستار من قبته التي كان يعتكف فيها ، فأمر-عليه الصلاة والسلام- بالوضع من الدّين وأمر المديون أن يقوم بالقضاء . وقال لأصحابه : (( أُريت ليلتكم هذه فتلاحى رجلان ، فرفعت ، وعسى أن يكون خير )) أي عسى الله أن يجعل الخير في رفعها ، ولا شك أنه خير عظيم ، إذ صرف الله عز وجل الناس إلى الاشتغال بإحياء الليالي العشر وهذا أعظم في أجورهم إلا أن الإنسان إذا أحيا ليالي العشر كاملة فلا شك أنه مصيب لليلة القدر ، وأنه سينال هذه الفضيلة بلا إشكال لنص النبي صلى الله عليه وسلم على كونها داخل العشر .
[ ويدعو فيها بما ورد ] : ويدعو في ليلة القدر إذا أريها بما ورد . والسبب في ذلك أن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها وأرضاها- . قالت : - يا رسول الله - أرأيت لو أني ليلة القدر ما أقول . قال : (( قولي : اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني )) فقالت : أريت ليلة القدر استدل بعض العلماء بقولها : " أريت " على أن السُّنة دالة على أن لليلة القدر أمارات وعلامات وأن الإنسان يتبين بهذه العلامات أن الليلة ليلة القدر لأن عائشة-رضي الله عنها- قالت : " أريت ليلة القدر " وتوسع العوام في ذلك وأحدثوا في ذلك بدعاً وأموراً لا أصل لها في الشرع في الدلالة على ليالي القدر ، والصحيح أن هذا أمر موقوف عنه ومسكوت عنه والله أعلم بالعلامات التي تكون والتي تقع ، ولكن من أهل العلم-رحمة الله عليهم- من قال : إن الله وصف هذه الليلة بنـزول الملائكة ، والملائكة سكينة ، والسكينة تغشى معها الطمأنينة للناس خاصة في المساجد . قالوا : الغالب أن الإنسان يجد من انشراح الصدر وطمأنينة القلب ما لا يجده في غيرها من الليالي لأن الملائكة تتنـزل ، ولا شك أن السكينة إذا تنـزلت فإن فيها الثبات وفيها الطمأنينة ويجد الناس أثر ذلك فهذه من العلامات التي استؤنس فيها بورود نص القرآن بقوله -سبحانه- : تَنَـزَّلُ الْمَلاَئِكَةُ لكن المنبغي الوقوف في مثل هذا على مورد النص لأنه هو الأصل .
من شرح كتاب زاد المستقنع
http://www.islamselect.net/mat/132

 

موقع رمضانيات بإشراف الشيخ محمد المنجد Rmadaniat

قناة شهر رمضان المبارك على موقع ‪YouTube

أضخم مسجات رمضانية للجوال على موقع ‪Twitter

 

YouTube icon Facebook icon Twitter icon

تعليقات